مع اقتراب العام الدراسي الجديد المقرر له أن يبدأ يوم السبت المقبل (21 سبتمبر), وفيما تُعلق جماعة الإخوان المسلمين آمالها على طلاب الجامعات كي تخوض بهم جولة جديدة من معاركها الفاشلة لإسقاط النظام الحالي وخارطة الطريق، واستعادة ما تسميه "الشرعية" التي تعني لديهم عودة الرئيس المعزول محمد مرسي رئيساً لمصر.. فإن الحكومة المؤقتة استبقت بدء الدراسة بقرار أصدره المستشار عادل عبدالحميد، وزير العدل بمنح أفراد الأمن الجامعي سلطة "الضبطية القضائية".

وهذه السلطة تعني بحسب مصدر قضائي أنه يحق لفرد الأمن إيقاف الطالب داخل الحرم الجامعي وتفتيشه إذا اشتبه بأمر ما، وتحرير محضر أولي بالواقعة، حال وجود جريمة، والقبض على الطالب وإحالته للنيابة العامة لإعمال شؤونها، وهي تمنح للموظفين الإداريين بناء على قرار من وزير العدل الذي يستمد هذه الصلاحية من قانون الإجراءات الجنائية.
ويذكر أن "الحرس الجامعي"، وهو يتكون من رجال شرطة كان يتولى حفظ الأمن داخل الجامعات إلى أن صدر حكم قضائي عام 2010 بإلغائه على سند أنه يمس باستقلال الجامعات، وهو ما أدى إلى تشكيل إدارات لـ"الأمن" بالجامعات حلت محله.

الجامعات ليست فروعاً للأحزاب

القرار أثار لغطاً كبيراً على الساحات الجامعية والسياسية، فقد اعتبره فريق من أساتذة الجامعات وطلابها، قراراً ملائماً للحد من الانفلات الأمني الذي وصل إلى الحرم الجامعي, فيما اعتبره فريق آخر ماساً باستقلال الجامعات، ويهدف لمنع الطلاب من ممارسة السياسة بالجامعات، وهذا المنحى الأخير أكد عليه الدكتور حسام عيسى، وزير التعليم العالي، في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أمس (السبت) قال فيها إن الجامعات ليست فروعا لـ"الأحزاب"، والعمل الحزبي المحظور بها.
وأكد الوزير أن القرار لا علاقة بالتظاهر السلمي داخل الجامعة، ولا يقيد حرية الطالب، لكنه يحفظ كرامته والجامعة، ولا يعني إطلاقاً العودة لنظام الحرس الجامعي.
من جانبه قرر الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، وقف تنفيذ قرار "الضبطية" بالجامعة استجابة لاتحاد طلاب الجامعة، بحسب ما أوردت "بوابة الأهرام"، قبل قليل.
في المقابل اعتبرت مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" الحقوقية في بيان لها أن "القرار يهدر استقلال الجامعات، وينقل تبعية "الأمن الإداري" بها إلى النائب العام، بدلا من رؤساء الجامعات بالمخالفة للمادة 317 من قانون تنظيم الجامعات.

شغب وبلطجة وتحرش بالحرم

الدكتور صبري السنوسي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة أوضح لـ"العربية.نت" أن قرار الضبطية القضائية لموظفي الأمن بالجامعات، ربما يهدف لسد الفراغ الأمني القائم داخل الحرم الجامعي بعد إلغاء الحرس الجامعي، حيث صار الحرم الجامعي مستباحاً في ظل حالة التردي الأمني التي تمر بها البلاد، وتقع به جرائم جنائية من شغب وبلطجة وتحرش بالطالبات، وتعاطي المخدرات علناً واشتباكات، وهذه كلها جرائم تستدعي المواجهة الحاسمة، ومن ثم فإن الضبطية القضائية مطلوبة لمواجهة مثل هذه الجرائم الجنائية .
وأشار السنوسي إلى أنه فيما يخص المخالفات الطلابية العادية، فهذه يتم التعامل معها بعيداً عن الأمن وأفراده، من خلال مجالس التأديب إذا كان هناك داعٍ، إعمالاً لقانون الجامعات واللوائح الجامعية.

كرامة الأستاذ وسيطرة أمن الدولة

يستدرك السنوسي محذراً من أن القرار يكون ماساً باستقلال وكرامة أستاذ الجامعة إذا امتدت سلطة الضبطية إلى الأساتذة، فهذا لا يجوز، ولا يجب أن يحدث.
ويتطرق السنوسي إلى الخلط القائم في أذهان كثير من الناس، إذ يربطون بين هذا القرار، الذي يعتبرونه عودة لـ"الحرس الجامعي"، وبالتالي سيطرة "الأمن الوطني" أو (أمن الدولة سابقاً) للسيطرة مجدداً على الأمور داخل الجامعة، موضحاً أن أمن الدولة لم يكن يسيطر من خلال الحرس كما هو شائع ذهنيا لدى البعض، وإنما كانت السيطرة من خلال مسؤولي الكليات والجامعات، بل إن الحرس أحيانا كان يتصدى لتدخلات أمن الدولة.

عودة الحرس الجامعي

سعيد عبدالحافظ الناشط الحقوقي ومدير ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، أعرب لـ"العربية.نت" عن رفضه لقرار وزير العدل، وفسر الأمر بأن المواطن المصري يؤمن في قرارة نفسه بالامتثال لرجال الأمن العموميين وهم رجال الجيش والشرطة، لكنه لا يحب الامتثال لأشخاص عاديين مدنيين مثله، على شاكلة موظفي أمن الجامعات.
من ناحية أخرى يمكن مساءلة ومحاسبة رجل الأمن الشرطي في حالة ارتكابه مخالفة ضد الطالب داخل الحرم الجامعي، لأن رئيسه والمسؤول عنه يكون معلوماً.
"عبدالحافظ" تساءل عن كيفية محاسبة الموظف المدني من أفراد الأمن في حالة وقوع مخالفة منه أو إساءه استعماله سلطة الضبطية؟.. وقال إن الحل هو إعادة "الحرس الجامعي"، ولكن بتكليف محدد وبضبطية مقننة، وإبعادهم عن التأثر بأي جهات أمنية تنتمي لمؤسسة تكافح النشاط الطلابي، كما كان يحدث من قبل أمن الدولة .